نهضة مسلم بن عقیل
۱۳۹۳/۰۸/۰۴

أما إنّک أحقّ من أن تحدث فی الإِسلام ما لم یکن، وإنّک لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السریرة ولؤم الغلبة لأحد من الناس أحقّ بها منک

کان لنهضة مسلم موعد مضروب بینه وبین الناس ولم یزل هو ومن بایعه یتأهّبون لذلک الأجل من تعبئة الرجال وتهیئة العتاد ورسم خطط الحرب والأخذ بالتدابیر اللازمة غیر أن الأمر باغته بالقبض على هانی وهو آخذ بعضده وموئل رأیه وفی داره قاعدة ولایته ومرکز سلطته فاضطرّت الحالة (مسلماً) أن یتعجّل الخروج قبل الأجل مخافة أن یؤخذ غیلة ولعلّه ینقذ صاحبه من مخلب الظالم وقد أسلمته عشیرته.
وکان رسوله إلى القصر عبد الله بن حازم الکبرى من الأزد من بنی کبیر (1)لیأتیه بخبر هانی فعرفه حبسه وإن نسوة مراد مجتمعات ینادین وآثکلاه وآعثرتاه فعندها أمره أن ینادی فی أصحابه (یا منصور أمت) (2)وقد ملأ بهم الدور حوله وتنادی أهل الکوفة بذلک الشعار فاجتمع إلیه أربعة آلاف فعقد رایة لعبید الله بن عمرو بن عزیز الکندی على ربع کندة وربیعة وأمّره على الخیل ورایة لمسلم بن عوسجة الأسدی على بیع مذحج وأسد وأمّره على الرّجالة ورایة لأبی ثمامة الصائدی على ربع تمیم وهمدان ورایة للعباس بن جعدة الجدلی على ربع المدینة.
ثم أقبل مسلم (علیه السلام) بهؤلاء الجمع إلى القصر وکان ابن زیاد فی الجامع الأعظم یخطب الناس فجخلت النظارة المسجد من باب التمارین یهتفون بمجیء ابن عقیل فراع ذلک ابن زیاد وأسرع إلى القصر وأغلق أبوابه.
واجتمع الناس حتى امتلأ المسجد والسوق منهم وأحاطوا بالقصر وطاق بابن زیاد ذرعه إذ لم یکن معه إلا ثلاثون رجلاً من الشرطة وعشرون رجلاً من أشراف الناس وأهل بیته وموالیه ).( 3))
فکان أسهل شیء على أُولئک الدارعین الإجهاز على ابن مرجانة ومن معه لأوّل وهلة فی طلیعة الزحف وفی القوم مساعیر للحرب ولعلّ منهم من لا یروعه التقحّم على أُولئک النفر المعدودین بالأنامل ولم یکن لابن زیاد فی ذلک الوقت غیر قعقعة الإِرهاب وما أدری کیف انطلت هذه البهرجة على ذوی البصائر بشؤون المصر الواقفین على ما فی أرجائه من قلاقل وفی أجوائه من محن وإحن.
ولکن لا عجب من أذناب الکوفیین إذا مالوا مع عُصبة الشیطان بمجرّد أن سمعوا ابن الأشعث وحجار بن أبجر وشمر بن ذی الجوشن یمنونهم العطاء مع الطاعة ویهددونهم بجند الشام الموهوم وأشرف علیهم کثیر بن شهاب حین کادت الشمس أن تغرب وقال: أیّها الناس ألحقوا بأهالیکم ولا تعجلوا الشرّ ولا تعرضوا أنفسکم للقتل فإن هذه جنود أمیر المؤمنین یزید قد أقبلت وقد أعطى الله الأمیر عهداً لئن أتممتم على حربکم ولم تنصرفوا عن عشیتکم أن یحرم ذریتکم العطاء ویفرق مقاتلتکم فی مغازی الشام على غیر طمع وأن یأخذ البریء بالسقیم والغائب بالشاهد حتى لا یبقى فیکم بقیة من أهل المعصیة إلا ذاق وبال ما جرت یده) .( 4))
فطفق الأخ یخذل أخاه تتعلّق بزوجها حتى یرجع والآباء یفصلون أبناءهم عن الجهاد ویحبّون لهم العافیة شأن أذناب الناس الدقاق حسباً الضعفاء حلوماً.
فتفرّق أُولئک الجمع عن مسلم (علیه السلام) حتى لم یبق معه إلاّ ثلاثمائة رجل وصلّى العشاء بالمسجد ومعه ثلاثون رجلاً وانصرف نحو کندة (5)ومعه ثلاثة ولم یمض إلاّ قلیلاً وإذا لم یشاهد أحداً یدلّه على الطریق فنزل عن فرسه ومشى متلدداً فی أزّقة الکوفة لا یدری إلى أین یتوجّه .( 6)

خطبة ابن زیاد

لمّا تفرّق الناس عن مسلم (علیه السلام) وسکن لغطهم ولم یسمع ابن زیاد أصوات الرجال أمر من معه فی القصر أن یشرفوا على ظلال المسجد لینظروا هل کمنوا فیها فکانوا یدلون القنادیل ویشعلون النار فی القصب ویدلونها بالحبال إلى أن تصل إلى صحن الجامع وفعلوا ذلک بالظلة التی فیها المنبر فلم یروا لأصحاب ابن عقیل أثراً فاعلموا ابن مرجانة فأمر منادیه أن ینادی فی الناس لیجتمعوا فی المسجد ولما امتلأ المسجد بهم رقی المنبر وقال أن ابن عقیل قد أتى ما فی داره ومن جاء به فله دیّته اتّقوا الله عباد الله وألزموا طاعتکم وبیعتکم ولا تجعلوا على أنفسکم سبیلاً.

إلى السجن

ثم أمر ابن زیاد صاحب شرطته الحصین بن تمیم أن یفتّش الدور والسکک وحذّره بالفتک الذریع إذا أفلت مسلم وخرج من الکوفة) .( 7))
فقام الحصین بهذه المهمة فبثّ العیون ووضع الحرس على أفواه السکک وتتبّع الأشراف الناهضین مع مسلم فقبض على عبد الأعلى بن یزید الکلبی وعمارة بن صلخب الأزدی فحبسهما ثم قتلهما.
وحبس جماعة من الوجوه استیحاشاً منهم وکان فیهم المختار الثقفی وعبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب (8)وقد خرجا لنصرة ابن عقیل وکان المختار عند خروج مسلم فی قریة له تدعى (لقفا) فجاء بموالیه یحمل رایة خضراء ویحمل عبد الله بن الحارث رایة حمراء وانتهیا إلى باب الفیل ووضح لهما قتل مسلم وهانی وأشیر علیهما بالدخول تحت رایة عمرو بن حریث ففعلا وشهد لهما ابن حریس باجتنابهما مسلماً (علیه السلام) فأمر ابن زیاد بحبسهما بعد أن شتم المختار واستعرض وجهه بالقضیب فشتر عینه وبقیا فی السجن إلى أن استشهد الامام الحسین (علیه السلام).( 9))
ولمّا احضر سبی آل محمد (صلى الله علیه وآله وسلم) فی مجلسه أخرج المختار من الحبس شامتاً منه وفرحاً بما یحسبه من الظفر وإذ رأى المختار هیئة منکرة زفر زفرة کادت روحه أن تخرج فیها ولم یثن هذا من عزمه ولا أوهن من عقیدته فأغلظ لابن زیاد فی کلام جرى بینهما وعرفه بالعقیدة التی یحملها من مصدر وثیق بأن أیّامه عدد ومُلکه بدد وسیلقى خزیاً وبواراً یکون ذلک على یده.( 10))
فأضحک ابن زیاد هذا النبأ من أسیر تحت قبضته ولیس له مساعد له یحذر سطوته خصوصاً یرى أعناق الأشراف ذللاً نحوه وقد ملأ السجن بمن یتحفّز لنخوته فأرجعه إلى السجن ولم یطلق سراحه إلا بشفاعة عبد الله بن عمر بن الخطاب عند یزید لاقترانه من (صفیّة) ابنة أبی عبید الثقفی أخت المختار.
ولمّا خطب ابن زیاد بعد قتل ابن عفیف الأزدی ونال من أمیر المؤمنین بحضرة أُولئک الأجلاف من الکوفیین ولم یلق منهم رداًّ علیه غیر المختار فقد ثار فی وجهه شاتماً له ومعرفاً بأن اللصیق لم یستحقّ من الإِمارة موطأ قدم وإن أهلها العاملون بالحقّ السالکون بالأمّة طریق الجدد المهذّبون المرشدون کابن عقیل ومن حذا حذوه من أهل هذا البیت الطاهر..
فأمر ابن مرجانة بقتله غیر أن عمر بن سعد تشفّع فیه لأنّه کان صهره على أخته أولدت له حفصاً فأرجعه إلى السجن ثم تشفّع فیه ثانیاً عبد الله بن عمر عند یزید فکتب إلى ابن زیاد یأمره بإطلاقه فأخرجه من السجن على أن لا یساکنه فی البلد .( 11))

فی بیت طوعة

لقد کان فی الکوفة ممن تحلّى بسمات الرجال المهذّبین الذین لم تلمّ بساحتهم أی لائمة ولا توجّهت إلیهم مغبّة وإنّه ذلک الإنسان الواحد الحاوی للشرف المعلّى والذکر الخالد والثناء الجمیل وحضى بالرضوان مع حبیب الله وخاتم رسله ألا وهی طوعة)).
ولو کنّ النساء کمن ذکرنا***لفضلت النساء على الرجال
فلا التأنیث باسم الشمس عیب***ولا التذکیر فخر للهلال
أصحیح أن امرأة تفوق الرجال فی الفضائل والفواضل نعم إن ذلک لما أجنته فی أضالعها من طهارة النفس وشرف المنبت والولاء الصحیح لأهل هذا البیت فقامت بما یرضی الله ورسوله ویحبّذه الشرف والإنسانیة ویدعو إلیه الخطر والناس یتمایزون بالنفسیات الکریمة والغرائز الطیّبة والعمل الصالح.
قال المؤرّخون لما بقى مسلم وحده یتلدّد فی أزّقة الکوفة لا یدری إلى أین یتوجّه انتهى به السیر إلى باب امرأة یقال لها طوعة أم ولد کانت للأشعث بن قیس أعتقها وتزوّجها أُسید الحضرمی فولدت له بلالاً کان مع الناس وکانت هذه المرأة على الباب تنتظره فلمّا رآها مسلم (علیه السلام) استقساها فسقته فجلس على الباب لا تطاوعه نفسه أن یبتدئها بطلب الإذن فی الدخول للدار ولا یعرف موضعاً یؤویه من عادیة الطاغی ولا من یأخذ به إلى الخلّص من صحبه والشوارع فیها الحرث وقد فرّق الخوف جُلّ الناهضین معه .
فالتفتت إلیه قائلة: ألم تشرب؟ فأجابها بصوت منکسر وزفرات متصاعدة: نعم قد شربت، قالت: إذاً لماذا لم تذهب إلى أهلک؟ فسکت عنها إذ لم یکن له أهل ولا یعرف من یأویه ولکنها لم تقتنع بذلک لأنّها امرأة مصونة تأنف من وقوف الأجنبی على بیتها فقالت له: إنّی لا أحلّ لک الجلوس هنا ولا یصلح لک.
فعندها رقّ وتلاین وقال: یا أمة الله ما لی فی هذا المصر منزل ولا عشیرة فهل لک إلى أجر ومعروف ولعلّی مکافئک به بعد هذا الیوم.
فاستفزّتها هذه الکلمة الغالیة لأنّ الأجر من أعمال الصالحین والمعروف لا یکافئ علیه إلاّ أهله فقالت مستفهمة: وما ذاک؟ قال: أنا مسلم بن عقیل کذّبنی هؤلاء القوم وغرّونی.
فلمّا سمعت باسمه شعرت بزلفى الأبد وسعادة لا یتوفق لها إلا من أودع الله تعالى فیه نور الإِیمان فأعادت علیه السؤال عن اسمه متأکّدة فی الحصول على الغایة الثمینة وقالت له: أنت مسلم؟ قال نعم، فرحّبت به وامتلأ قلبها سروراً بالحضوة بضیافة مثل داعیة ابن الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) وأدخلته بیتاً غیر الذی یأوی إلیها ابنها وعرضت علیه الطعام فأبى.
ولمّا وافى ابنها المنزل ورآها تکثر الدخول لذلک البیت استراب منه فاستفهمها عنه فأعرضت وألحّ علیها فلم تخبره إلا بعد أن أخذت علیه العهود أن لا یُعلِم أحداً بمن فی البیت فبات الغلام فرحاً بجائزة ابن زیاد ).( 12))

مسلم فی الیوم الثانی

کانت هذه اللیلة أطول لیلة مرّت على مسلم (علیه السلام) یرقب آناءها ویعدّد دقائقها وثوانیها ینظر بعین البصیرة إلى زوایا البیت وهو یعلم أنّه مأتیّ لا محالة ولکن کیف یؤتى ومن أین یتوقّع الهجوم علیه وکیف یدافع ولا یبصر إلا ناحیة واحدة شدّ إلیها الرحال منذ خرج من المدینة بأمر السبط الشهید ألا وهی إظهار الدعوة إلى حُکم الکتاب المجید وسنّة الرسول وإنقاذ الأمّة من مخالب الضلال وتعریفها سبیل الرُّشد من الغیّ ومما زاد فی طمأنینته رؤیاه عمّه أمیر المؤمنین فی المنام یقول له: أنت معی غداً فالعجل العجل) .( 13))
فعرفت نفسه المطمئنّة الملهمة أن فی صباح هذه اللیلة اللقاء والفناء الذی فیه البقاء الأبدی فلم تبعثه الحالة إلاّ إلى النشاط والبسلة والوثوق بأزوف الموعد فلمّا انفلق عمود الفجر وانفتل من صلاته ودعائه ونوافله تأهّب لمجاهدة من مَرَقَ عن الدین وأعرض عن وصایا النبیّ فی أهله وذویه وقال لطوعة قد أدّیتِ ما علیکِ من البرّ والإِحسان وأخذتِ نصیبکِ من شفاعة رسول الله وقصَّ علیها الرؤیا ).( 14))
أمّا ابن العجوز فذهب إلى القصر واعلم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بمکان مسلم (علیه السلام) فی بیتهم فأخبر عبد الرحمن أباه ووضح الأمر لابن زیاد فدعا الغلام وطوّقه بطوق من ذهب وأمر ابن الأشعث أن یذهب إلیه فی سبعین من قیس لیأتیه به.( 15))
فلمّا سمع مسلم (علیه السلام) وقع حوافز الخیل ولغط الرجال علم أن هذا طلیعة الشر فخرج إلیهم بجأش طامن وجنان راسخ بهضم یهزأ الرواسی وحشو الردى منه فروسیة وشجاعة وملء إهابة بشر ومسرّة فاستقبلهم کمی آل أبی طالب فی جحفل مجر من عزمه أو حشد لهام من بأسه والقوم سبعون دارعاً وهو واحد فی ذلک المأزق الحرج من نواحی البیت فلم یفتأوا یرجفوا علیه الدار وهو یکردهم غیر مکترث بعددهم ولا بعدّتهم).( 16))
ولم یشعروا أهو مسلم ینساب علیهم بصارمه أو عمّه أمیر المؤمنین یشقّ الصفوف ویطرد الألوف أو أن زوبعة الحمام أخذتهم من نواحیهم فقتل من السبعین أربعین وهو یرتجز :
هو الموت فاصنع ویک ما أنت صانع***فأنت بکأس الموت لا شکّ جارع
فصبراً لأمر الله جلّ جلاله***فحکم قضاء الله فی الخلق ذایع)( 17))
وکان من قوّته یأخذ الرجل من محزمه ویرمی به فوق البیت (18)والمرأة الطاهرة (طوعة) تحرضه على القتال (19)فاضطرهم البؤس والیأس من الظفر إلى الاستمداد فأنفذ ابن الأشعث إلى ابن مرجانة یستمده الرجال فبعث إلیه: إنا أرسلناک إلى رجل واحد لتأتینا به فثلم فی أصحابک هذه الثلمة فکیف لو أرسلناک إلى غیره ).( 20))
فأرسل إلیه ابن الأشعث: أیّها الأمیر أتظنّ أنّک أرسلتنی إلى بقّال من بقالی الکوفة أو جرمقان من جرامقة الحیرة وإنّما وجّهتنی إلى سیف من أسیاف محمد بن عبد الله، فأمدّه بخمسمائة فارس ).( 21))
إنّ ابن مرجانة یعجب من هذه البسالة الطالبیة وما لهم من القسط الأوفر منها ولا تزال أنباء مواقفهم فی الحروب ترنّ فی مسامعه کما أن صداها لم ینقطع عن أذن الدهر ومسامع الأجیال والأندیة تلهج بحدیث النبیّ (لو ولد الناس کلهم أبو طالب لکانا شجعاناً) (22) فتجمهروا علیه من کل الجهات وصریخة آل أبی طالب لا یکترث بجمعهم ولم ترعه کثرتهم فأوقع فیهم الموت الزؤام واختلف هو وبکیر بن حمران الأحمری بضربتین ضرب بکیر فم مسلم (علیه السلام) فقطع شفته العلیا وأسرع السیف إلى السفلى ونصلت لها ثنیتان وضربه مسلم على رأسه ضربة منکرة وأخرى على حبل العاتق کادت ان تطلع إلى جوفه فمات منها).( 23))
وأخذ یقاتلهم وحده فی ذلک المجال الضیّق حتى أکثر القتلى والناس من أعلى السطوح یرمونه بالحجارة ویقلبون علیه القصب المضرم بالنار وهو یرتجز فی حملاته.( 24)
أقسمت لا أقتل إلاّ حرّاً***وإن رأیت الموت شیئاً نکرا
کل امرء یوماً ملاق شراً***ویخلط البارد سخناً مُرّا
ردّ شعاع النفس فاستقرا***أخاف أن أکذب أو أغرّا
ولمّا أثخنته الجراح وأعیاه نزف الدم استند إلى جنب تلک الدار فتحاملوا علیه یرمونه بالسهام والحجارة فقال: ما لکم ترمونی بالحجارة کما ترمى الکفار وأنا من أهل بیت الأنبیاء الأبرار ألا ترعون حقّ رسول الله فی عترته ).( 25))
وحیث أعوزتهم الحیل والتدابیر الحربیة لإِلقاء القبض علیه او التوصل إلى قتله أو تحرّی منجاة من سیفه الرهیف قابلوه بالأمان عساه یکف عن القتال فیتسنّى لهم بعض ما یرمونه فقال له ابن الأشعث أنت آمن إلا عبید الله بن العباس السلمی فإنه تنحّى وقال لا ناقة لی فی هذا ولا جمل .( 26)
أمّا ابن عقیل (علیه السلام) فلم تفته خیانتهم ونقضهم العهود وإنّهم لا یرقبون فی مؤمن إلاّ ولا ذمّة فلم یعبء بأمانهم فقال لا والله لا أؤسر وبی طاقة لا یکون ذلک أبداً وحمل على ابن الأشعث فهرب منه ثم تکاثروا علیه وقد اشتّد به العطش فطعنه رجل من خلفه فسقط إلى الأرض وأُسر .( 27)
وقیل أنّهم عملوا حفیرة وستروها بالتراب وانکشفوا بین یدیه حتى إذا وقع فیها أسروه) .( 28))
ولمّا أرکبوه البغلة وانتزعوه سیفه دمعت عینه فقال له عمرو بن عبید بن العباس السلمی إن الذی یطلب مثل الذی تطلب إذا نزل به مثل ما نزل بک لم یبکِ فقال (علیه السلام) ما على نفسی أبکی ولکن أبکی لأهلی المقبلین إلیکم أبکی للحسین وآل الحسین) .( 29))
ان الذی أبکاه أمام ذلک الجمع المحارب أمر دینی وطاعة للمولى نظیر الغایة التی أوقفته هذا الموقف وهو ما سیجری على حجّة الوقت الواجب على العباد الانقیاد له والخضوع لأمره وإن سیّد شباب أهل الجنّة سیرد هذا المورد متى حلّ بین ظهرانی أهل الکوفة الطغاة وهو لا یرید أن تشوک سیّده شوکة ولا یستهین أن یصیبه أی أذىً وإنّما وقف هذا الموقف للحصول على مرضاة إمامه والدعوة إلیه والذبّ عنه ولم یبرح هذه نوایاه حتى نسی نفسه ولم ینس أبی الضیم (علیه السلام) فطفق یبکی لما یصیبه وهو مرتثّ بالجراح وفی آخر رمق من الحیاة فحیّاه الله من شهم سیط الإِیمان بلحمه ودمه وعاد مزیج نفسه الکریمة.
وفی نصّ سبط ابن الجوزی أن ابن الأشعث سلب مسلم بن عقیل درعه وسیفه فقال بعض الشعراء یؤنّبه على فعلته هذه وترکه نصرة هانی .( 30)
وترکت عمّک لم تقاتل دونه***فشلاً ولولا أنت کان منیعا
وقتلت وافد آل حزب محمد***وسلبت أسیافاً له ودروعا
ولما جیء به إلى القصر تساند إلى الحائط وقد أخذه الضعف لنزف الدم وشدّة الظمأ فرأى قلّة مبردة فطلب منها ما یبلّ غلته فقال له مسلم بن عمرو الباهلی: أتراها أبردها لا تذوق منها قطرة حتى تذوق الحمیم فی نار جهنّم!.
فبکرت هذه الکلمة على ابن عقیل أن تصدر من رجل یدّعی الإسلام ویتشهّد الشهادتین ثم لا تسمح نفسه ببذل الماء الذی هو مباح لعامّة الحیوانات ولا یمنع منه حتى الکافر والشریعة تنادی بأعلى صوتها: الناس شرع سواء فی الماء والنار والکلاء، ثم أی رجل یحمل أقل شیء من العاطفة یشاهد إنساناً بتلک الحالة المشجیة ثم یضنّ علیه بشربة من ماء أنّه لخارج عن الحدود البشریة ومستوى الإنسانیة.
ومن هنا تعجّب مسلم (علیه السلام) واستفهم عن حسبه فقال له من أنت؟ قال أنا ابن من عرف الحقّ إذا أنکرته ونصح لإمامه إذ غششته وسمع وأطاع إذ عصیته وخالفته أنا مسلم بن عمرو الباهلی!.
فقال ابن عقیل لأمّک الثکل ما أجفاک وأقظک وأقسى قلبک وأغلظه أنت یا ابن باهلة أولى بالحمیم والخلود فی نار جهنّم.
وعلى هذا الحوار بعث عمرو بن حریث غلاماً له یدعى سلیماً فأتاه بالماء (31)وفی نصّ آخر أرسل عمارة بن عقبة بن أبی معیط غلامه قیساً وأتاه بالماء (32)وهل شرب ابن عقیل من الماء فیخفف من اللغوب ویطفئ أوار الظمأ؟ لا! فإنّه کلما أدنا القدح منه امتلأ دماً للضربة التی على شفتیه وفی الثالثة امتلأ دماً وسقط فی القدح ثنایاه فترکه وقال: لو کان من الرزق المقسوم لشربته) .( 33))

فی قصر الإِمارة

لقد جرى من الکفور الملحد***نغل زیاد الظلوم المعتدی
ما قد جرى من فاحش الخطاب***ومن قبیح الرد والجواب
وغیر ضائر عواء الکلب***إذا عوى على النجوم الشهب
وکیف یرجى من عدوّ الله فی***ولیّه شیء من التعسّف
أُدخل ابن عقیل (علیه السلام) على ابن زیاد وهو على سریر الطغیان والجور ومسلم أسیر مکتوف لا یجد أحداً ینجده ولا من یقف دونه فلم یتظاهر بالخضوع لابن مرجانة ولا استلان له واستعطفه بالسلام علیه ولما اعترضه الشرطی بقوله: ألا تسلّم على الأمیر؟ قال: إنّه لیس لی بأمیر .( 34))
أراد بهذه الکلمة تعریف الحضور بأنّه مقاوم للسلطة الغاشمة ومناوئ لهذا الجائر حتى عند تضاؤل قواه وانفلات الأمر من یده وعند منصرم العمر ولعلّ بذلک یتجدّد المقت من الأمة على ابن مرجانة وتحتدم القلوب علیه وعلى من ولاّه أمر البلاد فیستطیع حینئذٍ أن یقول القائل إن داعیة الصلاح رافض لحکومة الضلال حتى فی أحرج المواقف ولا یهون علیه شیء من أمرها فلا یفوت أهل الکوفة العلم بمشروعیة هذه الولایة وإن الأخوة التی شرفه بها سیّد الشهداء أخوة شرف وإیمان والثقة التی فاز بها کما فی صکّ الولایة لا یدرک مداها.
ولم یقتنع مسلم (علیه السلام) بکل ذلک حتى أخذ یعرف الناس فی ذلک المجلس نفسیة عبید الله وأبیه ومن أجلسه هذا المجلس لتتمّ الحجّة فلا یعتذر أحد بالغفلة والجهل وإن لقوة الجور مفعولاً آخر.
فإنّه لما قال له ابن زیاد: أیّها یا ابن عقیل أتیت الناس وأمرهم واحد فشتّت أمرهم وفرقت کلمتهم وحملت بعضهم على بعض! قال: کلاّ لست أتیت لذلک، ولکن أهل المصر زعموا أن أباک قتل خیارهم وسفک دماءهم وعمل فیهم أعمال کسرى وقیصر فأتیناهم لنأمر بالعدل وندعو إلى حکم الکتاب.
قال ابن زیاد: إن نفسک تمنیک ما حال الله دونه ولم یرک أهله.
فقال مسلم: فمن أهله؟.
فقال ابن زیاد: أمیر المؤمنین یزید.
فقال مسلم: الحمد لله على کل حال رضینا بالله حکماً بیننا وبینکم.
فقال ابن زیاد: کأنّک تظنّ أن لکم فی الأمر شیئاً.
فقال مسلم: والله ما هو الظنّ لکنّه الیقین.
فقال ابن زیاد: قتلنی الله إن لم أقتلک قتلة لم یقتلها أحد فی الإِسلام!
فقال مسلم: أما إنّک أحقّ من أن تحدث فی الإِسلام ما لم یکن، وإنّک لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السریرة ولؤم الغلبة لأحد من الناس أحقّ بها منک.
فشتمه ابن زیاد وشتم حسیناً وعلیّاً وعقیلاً!.
لقد نضجت آنیة ابن مرجانة بما فیها من فحش وخناء وأسمع مسلماً ما لا تحمله الجبال الرواسی فما استهان ولا استلان ولا تکعکع عن إبداء الحقیقة للناس وإیقافهم على مخازیه ومخاریق أبیه وبوائق من استعملها حتى أحرج الموقف وسدّ المذاهب علیه فلم یر الدعی وسیلة لمقابلة ابن عقیل إلا بسبّ أمیر المؤمنین ذلک الذی یقول فیه رسول الله: یا علیّ ما عرف الله إلا أنا وأنت وما عرفنی إلا الله وأنت وما عرفک إلا الله وأنا یا علّی من سبّک فقد سبّنی ومن سبّنی فقد سبّ الله.( 35))
هاهنا لم یطق مسلم صبراً وإن صبر قبل ذلک على مثل حزّ المدى فقال لابن مرجانة فاقضِ ما أنت قاضٍ یا عدوّ الله.

کتم السرّ

کتم السرّ من لوازم المروءة فإن فی إفشائه أما فضیحة على من أذیع عنه إن کان ذلک المذاع من الرذائل على غیر متجاهر بها والله سبحانه یحبّ الستر على المؤمنین إبقاء لحیثیاتهم فی الجامعة وکلاءة لعضویتهم فیها فإن الحطّ من الکرامة یوجب سقوط محلّه بین الناس ویعود منبوذاً بینهم فلا یصغى لقوله ولا یحترم مقامه فیختلّ التکاتف والتعاون على حفظ النظام ویکون ذلک مبدءاً لتجری الغیر کما هو مقتضى الجبلة البشریة، ومثالاً لنفرة أُناس ممّن یترفّعون عن أمثالها فتسود المنابذة وتحتدم البغضاء وإذا کان المولى سبحانه وهو القابض على أزّمة الخلق القادر على کشف ما انطوت علیه ضمائرهم یستر علیهم ویفیض ألطافه مع الناهی فی الطغیان وینادی کتابه العزیز: (إن الذین یحبون أن تشیع الفاحشة فی الذین آمنوا لهم عذاب ألیم))).
ولمّا سأل رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) ربّه جلّ شأنه أن لا یحاسب أمتّه بحضرة الملائکة والأنبیاء فیطّلعوا على عیوبهم قال تعالى یا حبیبی أنا أرأف بعبادی منک وإذا کرهت کشف عیوبهم عند غیرک فأنا أکره أن أکشفها عند فأحسبهم وحدی بحیث لا یطلع على عثراتهم غیری .( 36)
فإفشاء السرّ وإذاعته ممنوع منه سواء کان فیه العیب والنقص على الشخص بخروجه عن قانون الشریعة أو لم یکن فیه العیب لأن فی إذاعة السرّ إیذاء له وهتکاً لحرمته وخیانة لما استودع له فإن الحدیث بین الناس أمانة إذاً فهو محرم بجمیع أقسامه سواء کان بالغیبة أو النمیمة أو بالإفضاء لمن لا یرضى صاحب السرّ علیه غیره لکونه إیذاء له فلا یوصف به مؤمن فاضل ولا إنسان کامل إلا من ضربت الخسّة فی عنصره ومدت الدناءة فیه عروقها.( 37))
ومن هذا تعرف کیف بلغ اللؤم ورداءة المنبت بعمر بن سعد حین أفضى بالسرّ الذی أودعه عنده مسلم بن عقیل وذلک أن ابن عقیل طلب من ابن زیاد أن یوصی إلى بعض قومه فأذن له فنظر إلى الجلساء فرأى فیهم ابن سعد فقال له أن بینی وبینک قرابة ولی إلیک حاجة ویجب علیک نجح حاجتی وهی سرّ فأبى أن یمکنه من ذکرها فقال ابن زیاد لا تمتنع من النظر فی حاجة ابن عمّک فقام معه بحیث یراهما ابن زیاد فأوصاه مسلم (علیه السلام) أن یقضی من ثمن سیفه ودرعه دیناً استدانه منذ دخل الکوفة یبلغ ستمائة درهم وأن یستوهب جثته من ابن زیاد ویدفنها وأن یکتب إلى الحسین بخبره.( 38))
فأفشى ابن سعد جمیع ذلک إلى ابن زیاد فقال ابن زیاد لا یخونک الأمین ولکن قد یؤتمن الخائن) .( 39))
لم یفت مسلماً ما علیه ابن سعد من لؤم العنصر وأنه سیفشی بسرّه بین الملأ لکنّه أراد تعریف الکوفیین بأن هذا الذی یعدّونه من کبرائهم ویتبجّج بأن أباه فاتح البلاد هذا حدّه من المروءة وموقفه من الحفاظ فلا یغترّ به أحد إذا تحیّز إلى فئة أو جنح إلى جانب فإنه لا یهوى إلا مثله وهناک دقیقة أخرى لاحظها مسلم فی هذه الوصیة وهی الإرشاد إلى أنّه ومن یعقبه من الرهط الهاشمی لم یقصد هذا المصر لاستنزاف أموالهم وإنّما جاؤوا منقذین وملبّین لدعوتهم ونشر الإِصلاح فیهم وأول شاهد على ذلک أنّه أیّام إقامته بالکوفة لم یمدّ یده إلى بیت المال على أنّه جاء والیاً یتصرّف کیف شاء وتحت یده ما یجمع من المال إلاّ أنّه قضى أیّامه البالغة أربع وستّین یوماً بالاستدانة وهکذا ینبغی أن یسیر أولیاء الأمور فلا یتّخذون مال الفقراء مغنماً وأین من یفقه هذه الأسرار.

الشهادة

لما أکثر مسلم (علیه السلام) من الطعن على ابن زیاد فی حسبه ونسبه أمر رجلاً شامیاً أن یصعده إلى أعلى القصر ویشرف به على موضع الجزارین (40)ویضرب عنقه ویرمی بجسده ورأسه إلى الأرض فأصعده الشامی ومسلم یسبّح الله ویکبّره ویستغفره ویقول: اللهمّ احکم بیننا وبین قوم کذّبونا وغرّونا وخذلونا وقتلونا ثم صلّى رکعتین (41)وتوجّه نحو المدینة وسلّم على الحسین (42) فضرب الرجل عنقه ورمى بجسده إلى الأرض کما أمره ابن زیاد (43) ونزل مذعوراً فسأله ابن زیاد عمّا دهاه قال رأیت ساعة قتله رجلاً أسود سیّئ الوجه حذائی عاضاً على إصبعه فقال له: لعلّک دهشت! (44) قصداً لتعمیة الأمر على الجالسین حوله لئلا یفشوا الخبر فتزداد عقیدة الناس بداعیة الامام الحسین (علیه السلام) ولعلّ الأمر ینتکث علیه لأنّ النفوس متکهربة بولائهم ولهم العقیدة الراسخة بفضلهم الکثار.
وهنا نقلٌ آخر فی قتله أنه دفعه إلى الأرض على أمّ رأسه فتکسّر وکانت فیها شهادته ولانفراد ناقله ونصّ المؤرخین على الأول مما یبعده.( 45)
ثم أمر ابن زیاد بهانی بن عروة فأخرج مکتوفاً إلى مکان من السوق یباع فیه الغنم فنادى: وامذحجاه ولا مذحج لی الیوم، فلما رأى أن أحداً لا ینصره انتزع یده من الکتاف ونادى: ألا عصا أو سکین أو عظم أو حجر یذبّ به رجل عن نفسه، فوثبوا علیه وأوثقوه کتافاً فقیل له مدّ عنقک قال ما أنا بسخیّ بها ولا معینکم على نفسی فضربه رشید مولىً لابن ترکي فلم تعمل فیه فقال هانی إلى الله المعاد اللهم إلى رحمتک ورضوانک ثم ضربه أخرى فقتله.
وهذا العبد رآه عبد الرحمن بن حصین المرادی مع ابن زیاد فی وقعة (الخازر) فثأر بهانی وحمل علیه بالرمح فقتله) .( 46))

بعد الشهادة

لم یذکر أحد من المؤرخین إن النبی فی مغازیه مثّل بالمشرکین ولما تمکّن أمیر المؤمنین (علیه السلام) من عمرو بن عبد ودّ لم یمثّل به کما لم یسلبه مع ما علیه من الکفر والإلحاد وفی وصیته للحسن (علیه السلام) لما ضربه ابن ملجم: ولئن قتلت فضربة مکان ضربة ولئن عفوت فأنت ولیّ الدم ولا تمثلن بالرجل فإنّی سمعت رسول الله یقول: إیّاکم والمثلة ولو بالکلب العقور (47)هذه وصایا الشریعة المطهّرة باحترام المیت ولکن هل من مسلم یفقه هذه الدرر الثمینة والعجب ممن یتسنّم منبر الدعوة الإلهیة ثم یمشی متردداً فی حنادس الظلم ما شاء له الهوى ولا عجب من الأمویین وعمّالهم إذا خالفوا قوانین الإسلام فإنّهم متى أسلموا لیهتدوا وإنّما استسلموا فرقاً من البوار أو تحکّماً فی الأموال والنفوس.
ولیس بالغریب إذا أمر ابن زیاد بسحب مسلم وهانی من أرجلهما فی الأسواق (48)ثم صلبهما فی الکناسة منکوسین وأنفذ الرأسین إلى یزید بن معاویة مع هانی بن أبی حیة الوادعی والزبیر بن الأرواح التمیمی).( 49))

المرقد الأخیر

لقد عرف الناس مسلم بن عقیل (علیه السلام) فی بیته وحسبه ومروءته وفضائله منذ عهد الصبا إلى أن بلغ مبالغ الرجال المحنّکین وقد وعوا کلمة الحسین (علیه السلام) فی صکّ ولایته لکن ابن مرجانة من جراء ما تردّى به من لؤم العنصر وخبث المنبت ودعارة الطبع حسب أنه سوف یحطّ شیئاً من کرامته الصوریة عساه یتوصّل به إلى تحطیم مبدئه وإخماد ذکره فأمر مسلم وهانی بعد القتل أن یُسحبا من أرجلهما فی الأسواق والجواد قضیة لؤم الغلبة ودناءة المحتدّ وبعد أن بلغ الغایة فیما حسب.
أمر بدفنهما بالقرب من (دار الإمارة) لتستمرّ رقابة الشرطة علیهما فلا یقصدهما أحد بالزیارة ولا یحضر هناک مؤبّن لهما ولا تلم بهما النوادب لأنّه یعلم أن الکوفة بطبعها الأولی علویة الرأی على العکس من البصرة والشام فإن الأولى عثمانیة والثانیة أُمویة.
وهذا الذی ذکرناه فی دفن مسلم وهانی حول القصر اعتبار لم یبعد عن الحقیقة ولسنا نعتمد علیه فقط فی إتیان هذا المشهد المطهر وإنّما المستند الوحید هو سیرة العلماء والصلحاء والشیعة عامة المتصلة بزمان المعصومین فی المثول بهذا الموضع المقدس الذی لم تزل الکرامات تصدر ممن ثوى فیه فلم یؤمه مریض إلا عُوفی ولا طالب حاجة إلا قُضیت ولا تجرّأ علیه متمرّد بالیمین الکاذبة إلاّ عاد بالخیبة والخسران وهذه السیرة دلیل قطعی فی کل مشهد ولولاها فأیّ مشهد یمکننا تعیینه من دون نقاش ..

المصادر:
1- الطبری ج6 ص208
2- منصور رئیس الملائکة الذین نزلوا لنصرة النبی یوم بدر وکان شعار المسلمین یا منصور أمت
3- ابن الأثیر ج4 ص12
4- الطبری ج6 ص208
5- الأخبار الطوال ص240
6- اللهوف لابن طاووس ص22
7- الطبری ج6 ص209
8- المصدر السابق ص208 وص214 وص215
9- أنساب الأشراف للبلاذری ج5 ص215
10- ریاض الأحزان ص52 عن روضة الشهداء
11- ریاض الحزان ص58. عن روضة الصفا.
12- مقاتل الطالبیین ص41 طبعة إیران
13- نفس المهموم ص56 عن کامل البهائی
14- نفس المهموم ص56
15- ریاض المصائف ص265
16- مقاتل الطالبیین ص41
17- مناقب ابن شهراشوب ج2 ص212
18- نفس المهموم ص57
19- ریاض المصائب ص265
20- مقتل محمد بن أبی طالب
21- ریاض المصائب ص266
22- غرر الخصائص للوطواط ص17 فی باب حفظ الجوار
23- الطبری ج6 ص210
24- ابن الأثیر ج4 ص13
25- مناقب ابن شهراشوب ج2 ص212
26- ابن الأثیر ج4 ص13
27- ابن شهراشوب فی المناقب ج2 ص212
28- المنتخب للطریحی
29- تاریخ الطبری ج6 ص211
30- تذکرة الخواص ص139
31- الإرشاد للشیخ المفید ص215
32- الطبری ج6 ص211
33- المصدر السابق ج6 ص212
34- اللهوف لابن طاووس ص30
35- دار السلام للنوری ج2 ص338
36- جامع السعادات ص339 طبع إیران
37- المصدر السابق ص340
38- فی الأخبار الطوال ص241 یبلغ ألف درهم وفی تاریخ الطبری ج6 ص212 یبلغ سبعمائة درهم
39- الإِرشاد
40- فی إرشاد الشیخ المفید موضع الحذائین
41- ریاض المصائب ص68
42- أسرار الشهادة ص259
43- ابن الأثیر ج4 ص15
44- اللهوف لابن طاووس ص31
45- تظلّم الزهراء ص268
46- الطبری ج6 ص214
47- کتاب سلیم الهلالی
48- المنتخب للطریحی
49- مناقب ابن شهراشوب ج2 ص212.